يضيئون أحياءٌ و أموات.!
يضيئون، أحياءٌ وأموات.!
……………………………………….
السَماويّون ومَن يتّكِئ عليهم وَجَعُنا! حَلَّقوا حيث مقامهم الحق وَارتَحلوا عَنّا، وفِي كلِّ بُقعةٍ من الذّاكرَة ثمّة شَهيدة أو شهيد ، وبين الآونة والأخرى تجوبُ أطيافهم فضاء خواطرنا، يكاد سنا برق رسومهم يأخذُ بتلابيبَ قلوبنا، بهم تُمسي سماؤنا “كالكَوكب الدُرِّي” يُوقِد الشوق فينا، يُذكّرنا أن الجهاد عَقِيدةُ عشقٍ وفناء! فذاك الصّنف من العشّاق، عرفناهم بسيماء الشهادة قبل أن يستشهدوا، كأنّ جباهُهم لوح يعكس خطّ مآلهم ب”نون والقلم” يذوبون في قضاياهم، يتوارَون كما تتوارى الشمس خلف السحاب!
فلا يَعنيهم أن يَعرِفَهم الناس. أربابُ صَنعة “نكران الذّات”و”عناوينَ كدح” هم الصنف الذي يَسأل الناس عنهم كلما يلوح الورد الأحمر، مَنْ أولاءِ! وأين هم؟! فينكِرون فضلهم ويُدبرون! يتجاهلونهم، ولايدرونَ أنهم كضوء الشّمس في العطاء، كالوَدَق يَخرجون من خلال الرُّكام ليرسلوا الجمال، يتواضعون إلى حدّ يُثير الذهول، يسخر منهُم الحمقى، ولايبالون، بل يستمرون، يعطون ولا يأخذون، قد بَراهم الإخلاص بَريَ القداح، كوصفِ النّهج، ينظرُ إليهم النّاظر فيَحسَبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ويقال: قد خُولِطوا، اي “جُنّوا”، ولقد خالطهم أمرٌ عظيم!، لا أحدَ مثلُهم، ولا يُشبهُـهُم أحدا!. لايُضاهى بِرُّهم بر، ولا يُشاكِلهم جواد!. سـيكتب التاريخ يومًا عنهم! بأنّ ثلة مـن الرجال الرجال، وثمّة نساءٍ كالشجر باسقات شامخات، قد صنعوا ماعجزت عنه كل الأمم، وطائفة منهم تشهدُ لهم السواتر، يرابطون مع الموت، يقفون بهامة الشموخ والإباء، وهيبة الفوارس، يَصوغونَ من كل مشهدٍ حكاية، يعشق الكاتب سردها بلا ملل، حتى إذا ماانتهى بانت حكاية أجمل!! هم رجال الكون والساحة، منهم العالِم الحكيم، والطبيب الشفيق، والمعلّم الرفيق، والكاتب النّحرير، والمؤرخ الأمين، والعارف الربانيّ!، إنهم والله لمَعشَرٌ ملكوتيّ صَدَقوا وصدقنَ، وعاهدوا الله على المُضي، فمنهم من قضى نحبه شهيدًا راغبًا عن الدنيا وزخرفها، ومنهم من ينتظر، ولايزال قابضًا على جمرة دينه وعفّته، وحسبُهم جندٌ مجهولون، حريصون على أن يكونوا بمنأى عن أضواء عوالم الفتن والمغريات، علّهم يدركوا العِظة وهم ينصتون للصادق من آل محمد “عليه السلام” وهو يعظهم: {إن قدِرتم أن لا تُعرَفوا فافعلوا، وما عليك إن لم يُثنِ الناس عليك، وماعليك أن تكون مذمومًا عند الناس إذا كنت محمودًا عند الله}! فصار همّهم البلوغ، وحسْبُكم أن تَتيقّنوا، أنّ كلّ عاشقٍ لامُحالة يَرتقي!