التحول الاستراتيجي للمقاومة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران

11

التحول الاستراتيجي للمقاومة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران

منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، شهدت حركات المقاومة في المنطقة تحوّلاً استراتيجياً جذرياً، انتقلت فيه من حالة التشرذم والتراجع إلى مرحلة جديدة من التنظيم والفاعلية والصمود. فقد شكّلت الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني نقطة انعطاف تاريخية، أعادت رسم معادلات القوة في المنطقة، ورفعت راية المقاومة في وجه الاحتلال والاستكبار.

لقد أعادت الثورة تعريف العدو الحقيقي للأمة، ووجهت البوصلة نحو القضية المركزية: فلسطين. وبفكرها المستقل ومبادئها الثابتة، نجحت في كسر التبعية للنظام العالمي الذي سعى إلى إضعاف إرادة الشعوب، فمدّت يد العون للمظلومين، واحتضنت حركات المقاومة في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق واليمن، وقدّمت لها دعماً سياسياً ومعنوياً وعسكرياً مكّنها من التحول إلى قوة ردع حقيقية في وجه الاحتلال الصهيوني والمخططات الأميركية في المنطقة.

لقد أثمرت هذه السياسة عن نشوء محور مقاومة متكامل، يمتد من طهران إلى غزة، ومن بيروت إلى صنعاء، يتميز بوحدة الموقف ووضوح الرؤية. فلم تعد المقاومة مجرد رد فعل، بل أصبحت نهجاً استراتيجياً قائماً على الوعي والتخطيط وبناء القدرات.

إن مواقف الجمهورية الإسلامية في إيران تُعد مثالاً نادراً على الثبات في زمن التبدلات، إذ رفضت الخضوع للضغوط وواصلت دعمها للمقاومة رغم الحصار والعقوبات، مؤكدة أن القضية ليست مصلحة عابرة، بل التزام مبدئي لا مساومة عليه.

وفي وقت تهاوت فيه أنظمة وتخلّت فيه قوى عن شعوبها، بقيت إيران وفية لنهجها، فكان دعمها للمقاومة سبباً في الانتصارات التاريخية التي شهدناها، من تحرير جنوب لبنان إلى صمود غزة، ومن هزيمة “داعش” إلى إفشال مشاريع التقسيم والفوضى.

إن الثورة الإسلامية لم تكن مجرد حدث محلي، بل كانت بداية لنهضة استراتيجية غيرت وجه المنطقة، وأعادت الأمل لأحرار العالم. ومن هنا، فإن التاريخ سيذكرها كمنارة للمقاومة، ورمزاً للصمود في وجه الطغيان.

جمال نصر الله