علمتني قصة يحيى بن زكريا عليه السلام

علمتني قصة يحيى بن زكريا عليه السلام… 

سماه الله يحيى (عليه السلام ) لكنه ذبح وقطعت رأسه في شبابه !!

من أكثر القصص التي شغلتني وأنا أقرأ وِرْدِي في القرآن قصة نبي الله يحيى عليه السلام…

نبي شاب… رزق الله أبويه به على كبر.. وسماه بنفسه سبحانه..

واختار له اسما لم يتسم به أحد قبله..

وصنعه لهما على عينه… فكان آية في الخلق والدين..

ورزقه النبوة…

-ثم إذا به يُذبَح شابا على يد ملك ماجن قدم رأسه الشريف مهرا لامرأة بغي!!

هاجت الخواطر في نفسي:

– ألم تكن الأرض والناس أحوج لهذا النبي الكريم من ذلك الملك الماجن ومن معه؟

– ألم يختر الله له اسما فيه معنى الحياة؟

– ألم يكن يحيى أكرم على الله من أن يجعله رخيصًا تعبث برأسه المقطوعة بغي، أو يستهين بها ظالم؟!

– أليس هذا يحيى السيد الحصور الخلوق المحبوب من الناس جميعا لوجهه الحسن وسمته الأحسن؟

– فلم يموت هذه الميتة الشنيعة وهو النبي الثلاثيني صغير السن كبير المقام..

فوجدت في ثنايا القرآن ولطائف السيرة ورائع السنة ما أراح قلبي، وشفى صدري..

وجدت أن الأهم عند الله ليس وجه يحيى الجميل ولا رأسه الكريم…لكن الأهم عنده سبحانه هو إقامة الحجة وأداء الأمانة وقد فعل… وبعد ذلك فالجنة أولى بشبابه، وسكانها أولى بجواره..

وجدت أن البشرية المسكينة تطفئ مصابيحها بيدها عن طريق ملوكها الظالمين أو شعوبها الخانعين!!

وجدت أن الثبات على المبدأ أفضل عند الله من بقاء النبي…ولو كان بروعة يحيى..

وجدت أن انتصار العقيدة وأصحابها هي النصر الحقيقي ولو كان ثمن ذلك ألف نبي!!

فما قيمة بقاء أحدنا على حساب دينه؟!

وما قتل يحيى وزكريا وأصحاب الأخدود وآلاف النبيين إلا رسالة بذلك..

ووجدت أن آلاف الطواغيت من أمثال من قَتلوا يحيى.. هلكوا وخَمُل ذكرهم بينما المذبوح من أجل الحق.. أبقى ذكرا بين الخلق!!

وكأن الله يقول لك من خلال يحيى وقصته:

قم للحق واثبت عليه، ولا تتضعضع فيه وإن قتلت قتلة رخيصة من أناس رخاص … فما خلقتك إلا لمثل هذا، وما بعد ذلك فعلى الدنيا العفاء، فدلال الناس على الله، والمسترخصون حياتهم له يعيشون هنا قصيرًا لأن الباطل لا يطيقهم… بينما حياتهم الأطول هناك عند من مضى وقد صنع صنيعهم..

لهذا كان غلام أصحاب الأخدود يهين قاتله الملك باستخفافه بالموت..

ولهذا كان زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي يغيظان قاتليهم في مكة باستهانتهم بالموت وهم على خشبة القتل بعد الصلب!!

لو كان المقصود بقاء المصلحين ما سمح الله بقتل يحيى مثل هذه القتلة… لكن المقصود هو بقاء الدين ولو فنينا من أجله أجمعون..

فالمصلح قيمته هناك لا هنا… وروحه مقامها قصير في عالم الفنا..

فليحسن عمله، وليثبت على دينه، ثم ليترك الأمر لصاحبه… إن شاء قبضه وإن شاء أبقاه…

المهم أن يبقى الدين… ولو مات هو من أجله ألف مرة.

أما الطغاة فموتهم من الضعف ألف مرة أمام استعلاء المؤمنين، أشد على نفوسهم من ألف طعنة بسكين.

هكذا علمتني قصة يحيى بن زكريا عليه السلام

  • Related Posts

    أيّها العراقيون الغيارى .. احذروا الطابور الخامس

    أيّها العراقيون الغيارى .. احذروا الطابور الخامس بعد السقوط الدراماتيكي لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا ، وسيطرة جبهة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني ( أحمد الشرع ) القيادي…

    من قطع العنق إلى ربطة العنق..ماذا وراء تغيير هيئة الجولاني؟!

    شهدنا مؤخرا تغييرات جذرية في مظهر زعيم “هيئة تحرير الشام” الارهابي “أبو محمد الجولاني”، حيث أثارت العديد من التساؤلات حول دلالاتها وأهدافها، من مسلح مجرم يتصدر المشهد بخطاباته المتطرفة وهيئته…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *