غموضٌ الموقف الفقهي إزاء الإحتلال والمقاومة ، يعقّد المشهد
قبل ٢١ سنة احتلت أمريكا العراق.
أبرز الفقهاء تذمروا من الإحتلال لكنهم لم يدعموا المقاومة العسكرية ضده، ورشحوا الحل التفاوضي والمنهج السياسي لاستعادة السيادة.
مرجعية السيد السيستاني بذلت جهودا كبيرة لإنجاح هذا الحل وتجنيب العراقيين مزيدا من الويلات. وقد دعمها علماء وعارضها آخرون لم يرضوا منها التدخل بالشأن السياسي.
مضت السنون وأتضح أن المسار السلمي لن يفضيَ إلى استقلال، بل بفضله رسَّخ الإحتلال تواجده
برزت الحاجة لموقف فقهي جديد يعالج الوضعَ المستجدّ ..لكنه لم يصدر.
بعض العراقيين رأوا أن استعادة السيادة ليست أمرا ضروريا ، وأنه ينطوي على مخاطرة ..
ورأى آخرون أن استعادة السيادة وطرد المحتل يستحقان المخاطرة والتضحية. لكنهم لسنوات أذعنوا لدعوة الفقهاء القائلين بعدم المقاومة، وإنتظروا ثمار الحل السلمي.
عقدت الحكومة اتفاقية لخروج الامريكان .. فخرجوا ، لكنهم أدخلوا علينا داعش ونجحوا باستبدال رئيس الوزراء العنيد بآخر ضعيف كي يعقد معهم إتفاقا يعيد قواتهم من جديد.
(جدير بالذكر أن هيمنتهم السياسية والاقتصادية لم تنقطع يوما واحدا بفضل السفارة الكبيرة وأتباعها، لكنهم احتاجوا الحضور العسكري لدعم الهيمنة.)
وجاءت تشرين لتفضحَ هشاشة جبهتنا الداخلية، بوجود الإحتلال الذي قرر عزل رئيس وزراء آخر .
برز هنا موقف غامض زاد في ارباك وضعنا الشيعي . إذ سارعت جهات نافذة في السلطة الدينية لدعم حراكٍ تشرين الأمريكي .!
نجاح تشرين والوضع الهش الذي أنتجته، شجّع الإحتلال على ارتكاب جريمته الكبرى باغتيال قادة النصر على داعش.
و ردّا على الجريمة قرر البرلمان العراقي (باغلبيته الشيعية وامتناع الكرد واغلب السنة) مطالبةَ الحكومة بطرد القوات الأجنبية.
مجدّدا واجهنا غموضاً في الموقف الفقهي إزاء تلك القضية الحساسة.
مع تعاظم الهيمنة الأمريكية على القرار العراقي ، وإتضاح عقم الحلول السلميّة .. نفذ صبر العراقيين الرافضين للاحتلال، وقرروا العودة للحل العسكري.
هنا برزت الحاجة لموقف فقهي جليّ يثبت حقيقة ما يتبناه علمائنا من رؤية إزاء مقاومة الإحتلال، وهل اصبحت مشروعة في نظرهم؟
واليوم إذ يتجرأ الإحتلال الأمريكي على إغتيال قادة العراق وابنائه .. فإن الفراغ الفقهي إزاء موضوعة الإحتلال والمقاومة أضحى يشكل خطرا بالغا.
ففي مجتمع متديّن مثل العراق تحرّكه فتوى الفقيه فيخرجَ أبنائه بالملايين .. لا يمكن أن يبقى موقف الفقهاء غامضا إزاء قضية خطيرةٍ كهذه..
اليوم أمريكا تلتقط معارضيها واحدا واحدا وتقصفهم بالصواريخ وسط العاصمة بلا رادعٍ ، مع طمانينةٍ تامةٍ لغياب الموقف المعارض لجرائمها.
لذا يحتاج الناس إجاباتٍ صريحةً، لمسائل أضحت محلّ خلافٍ وتشكيك :
1- مَن مِن فقهائنا يرى أن للأمريكان الحق في الإنتقام من عراقيين – إذا ما هُوجِمت قواعدهم – بدعوى تواجدها بناءً على موافقة الحكومة العراقية؟
2- وماذا لو ألغت الحكومة تلك الموافقة – فهل بمقدورها الإعتماد على دعم الفقهاء لها ؟ أم عليها لوحدها مواجهة سيناريو إسقاطٍ مماثل لتشرين ؟
3- وماذا لو عجزت الحكومة عن اقناع المحتل بالرحيل ، فمَن مِن فقهائنا سيدعم خيار المقاومة ؟ ومَن سيطالب المقاومين بالاستسلام ؟.
المعمار
كتابات في الشأن العراقي – الشيعي