لحظة لا يمكن أن تمر مرور الكرام
لحظة لا يمكن أن تمر مرور الكرام
التقى سماحة اية الله العظمى الشيخ جوادي الآملي بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظلهما في النجف الأشرف..
لقاء ليس عابرا في زمن تتكـالب فيه قوى الباطل لتمزيق الامة وتبذل فيه جهود صهـيونية حثيثة لشـيطنة الجمهورية الاسلامية في ايران ودفع المنطقة الى أتون الحـرب والخراب..
اتسم اللقاء كما أظهرت الصور والكلمات بالود والتقدير المتبادل ..
غير أن القراءة العميقة تكشف ان ما جرى في بيت المرجعية العليا في النجف يتجاوز الاحاديث المعتادة ويمتد ليكون مشهدا من مشاهد وحدة الحوزتين وتثبيتا لخط اسلامي أصيل يجمع على مركزية القران وعظمة تراث أهل البيت عليهم السلام وحكمة القيادة الاسلامية في ظل التحديات العالمية..
في وقت تتنامى فيه الاصوات الناعقة التي تسعى لزرع الشقاق بين النجف الأشرف وقم المقدسة يأتي هذا اللقاء ليخرس تلك الأبواق ويؤكد أن المرجعية الرشيدة في قم أو النجف تسير على نهج محمد وآل محمد متحدة في الأصول متكاملة في الأدوار رغم اختلاف الأساليب أو السياقات..
ولعل أهم ما يمكن استشفافه من هذا الحدث الكبير هو الرد الصامت والحكيم على بعض ادعياء التنظير الذين يتخذون من مهاجمة خط الولاية في ايران وسيلة للتشويش والتشكيك في وقت احوج ما نكون فيه الى توحيد الصفوف بوجه المشروع الصهـيوني وادواته في المنطقة..
تقديم سماحة الشيخ جوادي الآملي النسخة الكاملة من تفسيره القيمي تسنيم ليس مجرد لفتة علمية ..
بل تذكير بأن المرجعية ليست منقطعة عن حركة الاجتهاد والتجديد وأن العطاء العلمي لا يعرف حدودا بين الجغرافيا ولا تقيده الانتماءات السياسية أو القومية …
كما أن وصف السيد السيستاني لهذا التفسير بأنه مفخرة للشـ..ـيعة يحمل في مضامينه تقديرا عميقا لمسيرة الشيخ الآملي ومنهجه في التفسير وهو ما يقطع الطريق أمام محاولات التشكيك بعمق الفكر الولائي المرتكز..
ولا يخفى على من يعرف عمق العلاقة بين الشيخ جوادي الآملي وقيادة الجمهورية الإسلامية أن هذه الزيارة وإن كانت في ظاهرها فردية قد تحمل بين جواهرها رسالة أخوية شفافة من القيادة الولائية الى المرجعية العليا في النجف الاشرف رسالة مضمونها اننا على العهد في حماية وحدة الامة واننا نمد اليد دائما للتكامل والتنسيق في وقت تتقاطع فيه خيوط الفـتنة العالمية والاقليمية لتستهدف محور الحق وروحه العقائدية..
وقد لا يكون غريبا أن نلمس عمق الاحترام الذي تحمله الحوزات العلمية والمرجعيات الدينية لشخصية الشيخ جوادي الآملي فمكانته لم تكن وليدة اللحظة بل شهد لها أعلام كبار من رجالات الدين والفكر ومنهم الشـهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره الذي نظم قصيدة خالدة مدح فيها السيد القائد الخامنائي والشيخ الآملي معا فحين قال بحق القائد:
(خامنئي إمام كل البشر)
فإنما اشار إلى عظمة الخط الذي يجمع بين القيادة والعلم والفقه والروح الولائية وهو ذات الخط الذي ينتمي إليه الشيخ الآملي بعلمه وورعه وصدقه وقد ورد ذكره في ذات القصيدة حين وصفه الشهيد بهذه الأبيات:
(ومذ دخلنا كان شخص يخطب..
قبل الخطابة التي ترتقب
قيل لنا اسمه جوادي آملي
شيخًا على كرسيه قد يعتلي…)
وما هذه الأبيات إلا شاهد على المكانة التي يشغلها الشيخ الآملي في قلوب المراجع والعلماء وهي شهادة عالم شـهيد قل نظيره في زمانه فكيف إذا اقترنت بهذه اللحظة التاريخية التي جمعته مع سيد المرجعية في النجف الشريف..
ان اللقاء بين هذين العلمين الكبيرين يمثل تجسيدا عمليا لما دعت إليه مرجعياتنا الكبرى عبر التاريخ نبذ الفرقة وتقديم الحكمة على العاطفة ووضع الأمة قبل الأهواء..
وهو ايضا تأكيد على أن المرجعية بعقلها الهادئ وصبرها الطويل ومواقفها المدروسة ما زالت صمام امان الامة وصوت العقل في زمن الضجيج..
لقاء النجف لم يكن لقاء شخصين بل لقاء مسارين أحدهما في قم والاخر في النجف وكلاهما ينبع من قلب واحد نابض بمحبة محمد واله الطاهرين عليهم ازكى التحية واتم السلام ..
انها لحظة نادرة ترسم ملامح وحدة الحوزات وتكشف بوضوح ان العداء الحقيقي ليس بين المرجعيات بل بين الحق والبـاطل بين خط الاسلام الأصيل وخط النـفاق المتستر بالدين.
حيدر الحسيني