في حال اندلاع حرب شاملة
لماذا ستكون إيران وحلفاؤها في موقع قوة؟
في حال أقدمت امريكا وإسرائيل على شن حرب عسكرية مباشرة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإن المشهد الإقليمي والدولي سيشهد تحولات جذرية، إذ لا يمكن اعتبار إيران مجرد دولة تُهاجم وتُحاصر فحسب، بل هي مركز ثقل استراتيجي محاط بتحالفات قوية ونفوذ واسع يجعل أي عدوان عليها مغامرة مكلفة وطويلة الأمد، لا يمكن ضمان نتائجها.
الهيمنة على مضيق هرمز
مفتاح الاقتصاد العالمي
تمتلك إيران قدرة استراتيجية على شل الحركة الاقتصادية العالمية عبر مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي 20% من صادرات النفط العالمية. أي صراع عسكري مفتوح يعني تهديدًا مباشرًا لإمدادات الطاقة إلى أوروبا وآسيا، مما سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار النفط وانهيار في استقرار الأسواق العالمية، وهو ما لا تتحمله حتى الدول الغربية الحليفة للولايات المتحدة.
النفوذ الإيراني في العراق
خاصرة أمريكا الرخوة
بفضل علاقاتها العميقة مع قوى سياسية ومجتمعية فاعلة في العراق، تستطيع إيران تحويل الوجود الأمريكي هناك إلى عبء ثقيل على واشنطن. فقواعد الاحتلال ستكون مكشوفة بالكامل أمام صواريخ وعمليات المقاومة العراقية، التي أظهرت في السنوات الأخيرة قدرة لافتة على المناورة والضرب بدقة، وأثبتت أنها تملك زمام المبادرة، وأنها قادرة على جعل أي وجود أمريكي في العراق ميدانًا مفتوحًا للاستنزاف.
محور المقاومة الإقليمي
جبهة متعددة الاتجاهات
إيران لا تواجه بمفردها، بل تقود محورًا إقليميًا يمتد من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان. أي عدوان على إيران سيشعل جبهات متعددة يمكن أن تتسبب في إنهاك التحالف الأمريكي الإسرائيلي:
– حزب الله في لبنان يمتلك أكثر من 150,000 صاروخ قادر على ضرب الداخل الإسرائيلي بدقة عالية.
– أنصار الله في اليمن لديهم قدرات باليستية ومسيرات قادرة على تهديد العمق الخليجي والملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
– المقاومة العراقية التي راكمت تجربة قتالية ضد الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003، تمتلك جاهزية ميدانية وإرادة صلبة، وقد أثبتت أنها قادرة على إلحاق الخسائر بالقواعد الأمريكية وإجبارها على الانكفاء متى قررت التحرك.
القدرات الصاروخية الإيرانية
عنصر الردع الحاسم
على الرغم من الحصار والعقوبات، طورت إيران ترسانة صاروخية متقدمة تشمل صواريخ باليستية بعيدة المدى قادرة على ضرب أهداف داخل إسرائيل والقواعد الأمريكية في المنطقة. هذه الترسانة تمثل عنصر ردع أساسي، وتمنح إيران قدرة الرد بالمثل على أي اعتداء، وهو ما يفرض على العدو التفكير ألف مرة قبل المغامرة.
الاستنزاف الطويل
نقطة ضعف أمريكية – إسرائيلية
لا تملك امريكا، ولا إسرائيل، الرغبة أو القدرة على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد. الحروب الحديثة لم تعد تُحسم في أسابيع، بل أصبحت معقدة وذات كلفة بشرية ومادية ضخمة. وقد أثبتت التجارب أن إيران تمتلك نفسًا طويلاً وقدرة عالية على الصمود والمناورة، وهو ما تفتقر إليه الإدارات الغربية التي تقف تحت ضغط الرأي العام والانتخابات.
بالنهاية … إن أي اعتداء عسكري على إيران لن يؤدي إلى إخضاعها أو تحجيم دورها، بل سيؤدي إلى انفجار إقليمي شامل يطال كل من تورط في الحرب. فإيران ليست دولة منعزلة، بل قوة إقليمية ذات امتدادات وتحالفات تجعل من أي عدوان عليها مقامرة متهورة لا تُبقي ولا تذر. وإذا كان الأعداء يملكون تفوقًا تقنيًا، فإن إيران وحلفاءها يملكون الجغرافيا والإرادة والصبر والقدرة على قلب الطاولة.
جمال نصر الله
