فكر منحرف وصراع مستهدف
شهدت بلدان الشرق الأوسط نمواً ملحوظاً للجماعات الإسلامية المتطرفة، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، التي يعتبرها كثيرون الأساس الفكري لحركات إسلامية أخرى أكثر تطرفاً. لم يكن هذا النمو وليد الصدفة، بل تأثر بشكل كبير بالتدخلات الخارجية، وعلى رأسها السياسات الأمريكية التي استغلت هذه الجماعات لتحقيق مصالحها في المنطقة.
مع مرور الوقت، توسعت الجماعة في مختلف الدول العربية، مثل مصر وسوريا والأردن واليمن. ورغم تقديمها خطاباً معتدلاً في العلن، إلا أن الجماعة دعمت حركات مسلحة وأيديولوجيات متطرفة ساهمت في زعزعة استقرار العديد من البلدان.
الدعم الأمريكي والتوظيف السياسي
خلال الحرب الباردة، دعمت الولايات المتحدة جماعات إسلامية، بما في ذلك الإخوان، لمواجهة المد الشيعي والشيوعي والأنظمة القومية. كان الهدف هو احتواء النفوذ السوفيتي وإضعاف التيارات القومية في دول مثل مصر وسوريا.
الثورات العربية وصعود الإسلاميين
خلال أحداث “الربيع العربي”، دعمت الولايات المتحدة صعود جماعة الإخوان في مصر وتونس وليبيا، معتبرة أنهم شركاء يمكن التعامل معهم في بناء أنظمة سياسية جديدة.
هذا الدعم شجع الجماعات الإسلامية على المطالبة بدور أكبر في السلطة، مما أدى إلى صراعات داخلية وحروب أهلية في بعض البلدان.
أثر الدعم الأمريكي على الاستقرار الإقليمي
أدى الدعم الأمريكي غير المباشر لهذه الجماعات إلى تدمير بنى الدولة في العديد من الدول. على سبيل المثال: سوريا: استُغل الإسلاميون لإضعاف النظام الحاكم، مما فتح المجال أمام جماعات أكثر تطرفاً، مثل النصرة وداعش، حتى انتهى الأمر بسقوط النظام وفسح المجال لتوغل الكيان الصهيوني في الأراضي السورية.
العراق: أعيد إنتاج الأيديولوجيات المتطرفة نتيجة السياسات الأمريكية بعد الاحتلال، مما مهد لنمو الجماعات المسلحة.
ليبيا: أدى دعم الجماعة والاخوان إلى حالة من الفوضى والنزاع المسلح.
أضعفت هذه السياسات الاستقرار الإقليمي، وأدت إلى انتشار الإرهاب وتدمير مؤسسات الدولة الوطنية. وأصبحت الجماعات المتطرفة تهديداً مباشراً للسلم الاجتماعي في الشرق الأوسط، خاصة مع استمرار دعمها من أطراف خارجية لتحقيق أهداف جيوسياسية.
ختاماً
يُظهر تاريخ الجماعات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط أن نموها لم يكن نتيجة ظروف داخلية فقط، بل لعبت القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، دوراً محورياً في دعمها واستغلالها لتحقيق مصالح سياسية قصيرة المدى. ومع ذلك، أثبتت هذه السياسات فشلها على المدى الطويل، حيث أدت إلى تفاقم الأزمات وزيادة معاناة شعوب المنطقة.