جدلية اصطلاح ( الولائي )

12

جدلية اصطلاح “الولائي”

في السنوات الأخيرة، شاع استخدام مصطلح “الولائي” بين فئات من العراقيين، على أنه يُطلق على من يحمل ميولًا سياسية وعقائدية تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وبُني على هذا الفهم موجة من الاتهامات، كـ”العمالة” أو “عدمية الوطنية”، وهذا فهم خاطئ ومجحف.

في الحقيقة، إن هذا المصطلح له جذور تاريخية وعقائدية تعود إلى صدر الإسلام، حين قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”. ومنذ افتراق الأمة حول الخلافة بعد وفاة النبي، بدأت تُطلق صفة “الموالين” على أتباع أمير المؤمنين عليه السلام، سواء من أحبّته أو من خصومه، واستمر استعمال هذا الاصطلاح ليصبح جزءًا أصيلًا في الهوية الشيعية.

فمصطلح “الولائي” مرتبط أساسًا بـالموالاة لأمير المؤمنين عليه السلام، وهو ما يشكّل جوهر التشيّع ومضمونه العقدي، قبل أن يكون له أي دلالة سياسية حديثة.

أما اليوم، فقد فُسّر المصطلح بشكل ضيق، واختُزل أحيانًا بمعنى “أتباع ولاية الفقيه”. وحتى إذا سلّمنا جدلًا بأن هذا الاصطلاح ارتبط بولاية الفقيه، فإن هذا لا يخرج به عن أصله، لأن ولاية الفقيه هي امتداد للتشيع السياسي والموالاة العقائدية، وهي جزء من منظومة فكرية شيعية عميقة، لا تختلف في جوهرها عن تمسّك الأرثوذكس أو الكاثوليك أو اليهود بهوياتهم الدينية الأصلية في بلدان متعددة. فلا ضير في أن يتمسك الإنسان بعقيدته وهويته السياسية المنبثقة عنها.

وعليه، فإن ولاية الفقيه وإن كانت اجتهادًا فقهيًا ضمن الفقه الشيعي، لكنها تبقى متفرعة من الأصل، وهو الولاء لأمير المؤمنين عليه السلام. فلا يصح أن يُتهم “الولائي” بانعدام الوطنية أو الارتهان، لأنه في حقيقته حاملٌ لهوية عقائدية متجذّرة في الإسلام