الدفاع عن العقيدة والارض والمسلمين لا عن السلطة و الحكام

2

في دعاء الثغور، يكشف الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن رؤية استراتيجية عميقة في الدفاع عن الأمة الإسلامية، تتجاوز حدود السياسة القائمة، وتلامس جوهر العقيدة والمسؤولية الشرعية. فرغم أن الحكم آنذاك كان في يد الدولة الأموية الجائرة، لم يتوانَ الإمام عن الدعاء لحماة الثغور، وطلب النصر لهم، ودرء خطر الأعداء عنهم، لأن معيار الموقف ليس الحاكم، بل الإسلام نفسه، وأمن المسلمين، ووحدة الأمة.
يذكر (عليه السلام) بالتحديد بعض الأخطار والجهات المهاجمة في زمنه، فيقول: “اللهم وأمدد أهل ثغور المسلمين على حدودهم، ومعاقلهم، ومسالحهم، في شرق الأرض وغربها، بالشام والروم، والديلم، والسقالبة، والترك، والخزر، والحبشة، والزنج، والسند، والهند، وما وراء ذلك من الأمم..
وهذا ما يجب أن يُفهَم جيدًا: لم يكن الإمام يدافع عن الدولة الأموية، بل عن أرض الإسلام وأهله. فقد كان يعلم أن سقوط الثغور بيد الأعداء هو خطر وجودي على الأمة كلها، وأن صلاح الدولة لا يأتي من خارج الأمة بل من داخلها، من يقظة الضمير، وصمود الحراس على الثغور، لا من ركون إلى أعداء الأمة، مهما تزيّنوا بالشعارات.
وهكذا، فإن موقف المقاومة الإسلامية اليوم، ممثلة بحزب الله في سوريا وغيرها، ليس دفاعًا عن أنظمة، بل عن الثغور، وعن الأمة، وعن المسلمين. فالخطر القادم من الديلم والسقالبة الأمس، هو نفسه الذي يأتي اليوم الاحتلال الصهيوني.
فكما وقف الإمام زين العابدين بوجه الخطر القادم من الشرق والغرب بدعاء صادق، تقف المقاومة اليوم بالفعل والصبر والدم، لا حمايةً لسلطة، بل دفاعًا عن الأرض والعقيدة والناس.