الخزين السياسي لدى الإمام الحسن (عليه السلام)

4

الخزين السياسي لدى الإمام الحسن (عليه السلام)

رغم عصمة الإمام الحسن (عليه السلام) وولايته التكوينية، إلا أنه عايش مراحل سياسية متغيرة، بدأت من عهد جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مرورًا بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ثم عهد أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام).

وقد كانت هذه الفترات المتفاوتة مريرةً عليه، إذ شهد كيف اندثرت معالم الجاهلية في عهد النبي، ثم عادت بقوة في زمن الخلفاء الثلاثة، لتتراجع مرة أخرى في عهد أمير المؤمنين، ثم تعود أشد وأقسى في عهد معاوية.

كان الإمام الحسن يتمتع بعقل سياسي عميق، لكنه واجه مشكلة كبيرة: قلة الوعي السياسي عند الناس، حتى بين خُلّص أصحابه، وقد عبّر عن هذا الواقع بقوله: “مالي أرى رجالًا بلا عقول”.

بل إن بعض أصحابه المقرّبين مثل حُجر بن عدي وسليمان بن صرد الخزاعي كانوا يعارضون مواقفه السياسية، رغم كونهم من خيرة الناس في الولاء، لكن الجهل العام وسيطرة العاطفة أضعفا الرؤية السليمة لديهم.

في ظل هذا التشتت الفكري، اختار الإمام الحسن (عليه السلام) الهدنة مع معاوية، لا ضعفًا ولا تراجعًا، بل لتوفير الأرضية الفكرية  التي تمهّد لثورة الوعي، والتي ستتحقق لاحقًا عبر نهضة أخيه الإمام الحسين (عليه السلام).