الازدواجية المخزية وشرعية المقاومة

6

الازدواجية المخزية وشرعية المقاومة

في زمن يُرفع فيه القاتل إلى مصاف “الديمقراطي”، وتُوصف الضحية بالإرهابي، لم يعد مستغربًا أن نرى مجلس الأمن الدولي وقد تحوّل إلى أداة بيد الأقوياء، يشرعن العدوان، ويصمت عن الجرائم، ويُدين المقاومة.

أمام أعين هذا العالم “المتحضر”، تُذبح الشعوب، تُقصف المستشفيات والمدارس، يُحاصر الأطفال حتى الموت، ثم تُبرّر كل هذه الفظائع بحق “الدفاع عن النفس”، بينما من يُقاوم الاحتلال والاستعمار يُصنّف إرهابيًا ويُلاحق دوليًا!

أي شرعية هذه التي تُعطى لمحتل غاصب، وتُسلب من شعب يُدافع عن أرضه وعقيدته وكرامته؟

أي قانون أممي يجيز لإسرائيل أن تقتل وتعتقل وتحاصر وتستوطن، بينما يُدين من يردّ الحجر بالحجر، والصاروخ بالصاروخ؟

إن ازدواجية المعايير التي يمارسها مجلس الأمن الدولي، الخاضع لهيمنة الفيتو الأميركي، هي فضيحة قانونية وأخلاقية، أسقطت ما تبقى من هيبة القانون الدولي.

أما الولايات المتحدة الأميركية، فهي لم تعد “وسيطًا”، بل طرفًا في الصراع، تدعم الاحتلال بالسلاح والمال والغطاء السياسي، وتؤمّن له حصانة مطلقة من المساءلة.

إسرائيل، الكيان الذي لم يُطبّق قرارًا أمميًا واحدًا منذ عام 1948، لا تزال تتعامل فوق القانون، لأنها ببساطة محمية من واشنطن ومنظمة تحكم العالم بلغة المصالح لا المبادئ.

في المقابل، تُطارد المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسوريا، ويُوضع رجالها في قوائم الإرهاب لأنهم رفضوا الركوع. لكننا نقولها بوضوح:

المقاومة ليست إرهابًا، بل شرف الأمة الأخير، وكرامتها المتبقية، وحقٌّ ثابت كفله القانون الدولي قبل أن يُختطف لصالح الغزاة.

من يدعم المقاومة لا يدعم القتل، بل يدعم الحرية. من يموّل البندقية في وجه الاحتلال لا يمارس العدوان، بل يمارس واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا وتاريخيًا.

ستبقى راية المقاومة مرفوعة، رغم قذائف التحريض، ورغم سكاكين التشويه، لأن الحق لا يموت، وإن تحالفت عليه كل قوى النفاق الدولي.

جمال نصر الله