في أعماق ليل الشرق الأوسط، حيث الصمت يحمل في طياته نذر العواصف، تنزلق أفاعي نتنياهو بحذر بين...

0 27

في أعماق ليل الشرق الأوسط، حيث الصمت يحمل في طياته نذر العواصف، تنزلق أفاعي نتنياهو بحذر بين الأعشاب العالية، فيما يحلق الصقر الايراني في سماء الانتظار

نتنياهو ينتظر بعيون جائعة، الحرب الشاملة، آملا في الانقضاض على إيران. لكن المارد الإيراني الذي عرف كل دروب الحياة والموت، وكل ألعاب الصيد والخداع، من ألف عام وعام، لن ينخدع به.

نتنياهو يظن أن العالم بأسره حلبةٌ له، يخطط لرمي النرد الأخير، وأن تبتسم له آلهة الشر، فيشعل نار حرب شاملة، عسى أن يضمن بقاءه على عرش هزته الرياح، لكنه يغفل أن في عالم السياسة، ليس كل من يبتسم في الصباح يصل حيًا إلى المساء.

نتنياهو يرقص، ولكنها ليست رقصته، وليست حلبته، لأن إيران قررت هي من تختار التوقيت.

إيران، التي ارتدت عباءة الحكمة منذ زمن طويل، تعرف أن الحكيم لا يعض إلا عندما يحين الوقت، ولا يضرب إلا حيث الألم يكون مدويًا. إنها تعلم أن الرد ليس مجرد فعل، بل هو فن، فن تتقنه منذ زمن الإمبراطوريات القديمة.

“العين بالعين والسن بالسن” ، نعم، ولكن متى وأين؟ هذا هو السؤال.

إيران لا تتعجل، تعرف أن الصبر هو السلاح الذي يقلب الموازين. في ليلة كهذه، قد تغفو الأفعى تحت قمر خافت، ولكنها تظل تراقب، عينها على كل حركة وكل صوت. في صمتها، تخيف خصومها أكثر مما تفعلها الكلمات، وكما قالت حكمة الشرق: “الصمت في كثير من الأحيان أكثر بلاغة من الكلام”.

الانتظار الذي يوجع نتنياهو هو بحد ذاته قتل بطيء، يقضم روحه يوما بعد يوم فيما إيران تعرف أن الصبر هو مفتاح الفخاخ التي لا ينجو منها أحد.

تركيا بتقطيع خاشقجي على أراضيها، بريطانيا بتسميم معارض روسي في عقر دارها، وحتى الإمبراطوريات القديمة، كلهم واجهوا لحظات مشابهة، واختاروا الحكمة على الاندفاع.

نتنياهو يحلم بأن يكون محاربًا، ولكن أفعى الحكمة تعلم أن الحرب ليست دائمًا بالسيوف والسهام، بل بالفكر والانتظار. إن الحكيم من يضرب حيث لا يتوقع العدو، ومن يعرف أن أفضل ضربة قد تكون التي لم تُوجه بعد.

الرقصة مستمرة، لكن من يحدد نهاية الرقصة ليس النسر الذي يحلق عاليًا، بل الأسود التي تنتظر بصبر، تختار لحظتها بعناية. إنها لعبة قديمة، لعبة خاضتها الأمم منذ بداية الزمن، حيث الفائز هو من يعرف كيف يستغل قوة صمته وعمق حكمته.

وإيران، صاحبة الحضارة التي علمت العالم كيف تكون الحكمة، نأمل ألاّ تنجر إلى رقصة ليست من صنعها. بل تترك نتنياهو يرقص وحده، حتى ينهار من شدة الدوران….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.